Friday, December 22, 2006

هي ووالدها من الأقزام... تأملات في الدنيا والآخرة

كنت كعادتي أسير في أحدي المناطق الشعبية أتأمل الحياة والبشر وحياتهم البسيطة وفطرتهم السليمة التي افتقدها في كثير من الأحيان في منطقتي (الراقية)، ورأيتها... فتاة صغيرة تبيع الحلوي أمام منزلها، عندما اقتربت منها لشراء بعض الحلوي وجدتها أكبر سناً مما تخيلت ولكنها كانت قصيرة للغاية، وفهمت الأمر سريعاً إنها ممن يطلقون عليهم الأقزام، كانت مبتسمة جداً وتعاملها مهذب للغاية وقبل أن أنصرف ظهر والدها... وكان أيضاً من الأقزام، ألقي السلام ثم تحدث إليها بود ومحبة وانصرف... وأنصرفت أنا أيضاً... وفي طريقي لم تفارق صورتهم خيالي وتساؤلات عديدة تملأ رأسي المتعب...الأب إنسان مثله مثل أي إنسان يرغب في الزواج والإنجاب ولكن معلوم طبياً أن احتمال تكرار الأمر مع أبناءه وارد بشكل كبير جداً ولكنه تزوج وأنجب وجاءت الفتاة تعاني من نفس المشكلة، سألت نفسي ماذا كنت سأفعل لو كنت مكانه... من السهل جداً أن تنتقد تصرفات الآخرين ولكن من الصعب أن تتوقع رد فعلك إذا كنت مكانه... أيضاً استوقفتني نظرة الرضا والابتسامة التي تتمتع بها الفتاة ووالدها رغم البلاء وقسوة نظرات البشر في بعض الأحيان، إن الرضا بقضاء الله هو أسهل الطرق للحصول علي السعادة في هذه الحياة... والسخط والاعتراض لن يجلب لنا سوي الشقاء الدائم... بعد التفكير قلت الحمد لله ... الحمد لك يارب أن منحتنا العديد من الأشياء الجميلة وأن منحتنا الحياة وأن أعطيتني القدرة علي الفهم وأن علمتني أن أرضي بقضائك... وأيضاً وجدتني أزداد يقيناً بأنه لابد من حياة أخري بعد رحلتنا في حياتنا الدنيا، حياة أخري يشفي فيها المريض ويسعد فيها المبتلي ويحاسب فيها الظالم ويقتص فيها للمظلوم وأن الدنيا ليست دار جزاء... إنما هي فعلاً دار للبلاء وأن الصحة والمال والجمال والوسامة والعقل وغيرها من نعم الله ليست دليلاً علي محبة الله أو سخطه، إنما هي أشياء منحنا الله إياها ليسألنا عنها يوم أن نلقاه في الآخرة، فهل سنتكبر بعد اليوم بما منحنا الله من عقل أو صحة أو جمال أو مال؟ وهل سنتعلم أن من أعطي قادر علي أن يأخذ... ياليتنا نتعلم....